جينا الشماس : هل يسقط باسيل الثنائية الشيعية ؟

لم تقع كلمات الوزير جبران باسيل على مسمع من اراد ان يعزز لديهم شعور الظلم بصفتهم مسيحيين.

بل وقعت كلمات معاليه على رؤوس اللبنانيين جميعا مسلمين ومسيحيين. جاءت تذكرنا بانقسام طائفي مذهبي يمارس علينا منذ انتهاء الحرب، ويتسبب باحتكار السلطة بيد من كان اغتصاب الدستور لعبة بالنسبة لهم واحتقار وثيقة الوفاق الوطني كنزا احتفظوا به لمنافع خاصة اكتسبوها مع عائلاتهم واقربائهم.

كلمات معاليه سرا يبوح به لمن هو قريب منه، بل هي معلومات معروفة من الشعب اللبناني. فشعبنا يتنفس ما نتج عنها من هواء ملوث ومياه موبوءة وطعام مفسود. ويعاني بسببها من فراق شبابه وصباياه في هجرة بحثا عن العمل والنجاح والتقدير، في غياب اقل حقوقهم في وطنهم المسلوب الارادة والثروات.

وقعت كلمات من فَمِ وزير تبوأ المسؤولية منذ عقد ولم يستطع وقف ما اعتبره خطأ فادح ومتعمّد، وهو على رأس حزب “قوي” يتمتع بكتلة نيابية “قوية” اتت برئيس جمهورية “قوي”.
للأسف، عند الامتحان يكرم المرء او يهان.

أفصح الوزير باسيل بما كان في فكره من كلمات يصف بها رئيس مجلس النواب اللبناني، مصحوبة بتهديدات وشتائم لا يجرؤ على البوح بها امام خصمه السياسي. وهي لا تجعل منه بطلا الا في اذهان المتعاطفين معه وليس المنطقيين.

اما دولة الرئيس برّي المصاب في ألمه في غفلة منه وعلى يد وزير اعطاه الثقة، ولا تستطيع عظمة مجلس النواب بكاملها ادانة هذا الوزير ولو وفق الدستور، بسبب الصدء الذي اصاب هذه العظمة من التعطيل الذي اختبرته سنة بعد سنة، ملف بعد ملف. ما يؤكد للشعب عن مخالفات جسيمة موجودة لا سيما انه لم يردّ على مضمون كلمات الوزير باسيل، بل اقتصرت الاحتجاجات على الكلمات المستخدمة لوصف المخالفات، او “المخالف” برأي الوزير جبران، بالشكل وليس بالمضمون.

إضافة، جاء استعراض قوى التخريب والتهديد، خلافا لنص الدستور ليخلق التعاطف مع المعتدي الاول بدلا من المعتدى عليه. وباتت المظاهر غير المألوفة مقبولة تنسجم مع الخلل العسكري الذي لطالما نتج عن كسر المساواة بين المواطنين وتفضيل فئة على فئة بغطاء طائفي مذهبي يغلّف منطق القوة.

ما تم استعراضه امام الشعب اللبناني في الاسابيع القليلة، يدعونا نحن المواطنين اللبنانيين المسالمين والمكلفين بتمويل مجلسيّ النواب والوزراء، للتكاتف في حلقة معارضة تسعى لإيصال العدد الاكبر من كفاءات الشعب الى المجلس النيابي.

بجدية يمكننا ان نتحالف فيكون لهم الدرس القاطع، بأن من طوى الدستور ومط مواده لمصالحه الخاصة ضاربا بعرض الحائط حق الشعب اللبناني، لن يُسلَّم مجدداً دفّة الدفاع عن الدستور، كونه انتمى لطبقة سياسية عَشِقَت السلطة ونسيت الوطن.

فمنذ استلَمَتْ التشريع اَفْنَت القوانين في الجوارير او استحدَثَتها لمصالح خاصة تدرّ نفعاً على حفنة من الناس، بينما المصالح العامة متأرجحة بين الكهرباء والمولد، بين مياه الدولة والصهريج، بين السفر والحد الادنى للاجور، بين العلم والفقر، بين الحوار والخلاف، بين الفسق والاخلاق، بين الرقي والدناءة.

ولكن الشعب اليوم يريد ما له، بل يصرّ على حقوقه. وسيأتي يوم تكون المهزلة قد انتهت والسلام الحقيقي قد حل.

فالتوريت لن ينجح كون يد الله ممتدة معنا لخلاص لبنان، فلا تيمور سيكون وليد ولا جبران هو ميشال ولا مصطفى هو نبيه ولا وريث لسمير ولا قاسم هو حسن ولا الشعب اللبناني هو جيل الحرب.

فالزمن والتكنولوجيا سيقلبان الوطن ومن فيه رأساً على عقب. فالمستور مكشوف. يبقى ان يتحرك القضاء ويحميَ البلاد حتى لا ننتظرَ جيلاً جديداً قبل ان نعود ونحتفل بوطني!

النقيب السابق الاستاذة جينا الشماس
احترم لبنان

التعليقات مغلقة.